أجواء غير مريحة في المنطقة

أجواء غير مريحة في المنطقة

  • أجواء غير مريحة في المنطقة

اخرى قبل 5 سنة

أجواء غير مريحة في المنطقة

عبدالحميد الهمشري

  الأجواء التي تعيشها المنطقة أشبه بالأجواء التي عاشتها قبل حرب حزيران 1967 بعدة شهور والتي أسفرت عن نتائج كارثية ما زلنا كعرب نعيش تحت تأثيراتها خاصة الشعب الفلسطيني الذي استفردت به الدولة العبرية وأمريكا ، وما كان لهذا أن يحصل لولا حالة البعثرة والهذيان وسوء التقدير والتدبير في مواجهة المخاطر التي تعيش في ظروفها المنطقة منذ خروج العراق من المعادلة العربية، إلى درجة وصلت فيه الأمور إلى أن الوجود العربي أصبح مهدداً في غرب آسيا وليبيا ومصر والسودان والقرن الأفريقي وبان للقاصي والداني أن الصراع صراع وجود لا حدود. لكن قبل حرب حزيران كان العرب لديهم طموحات وآمال في إزالة الخطر الصهيوني أو على الأقل تحجيمه والحد من تأثيراته قبل استفحال أمره ، حيث كانت هناك جامعة عربية على الأقل يسعى زعماء الدول المنتمية إليها رغم التناقضات فيما بينهم التشاور ولم الشمل العربي في إطار التنسيق المشترك دفاعاً واقتصاداً وأمناً كانت تقودهم إلى ذلك الجماهير العربية الضاغطة رفضاً للمشاريع الاستعمارية وذيولها وللوجود الصهيوني في المنطقة . فما خلفته نكسة حزيران جراء اجتهادات خاطئة كان وبالها شديداً على مختلف الأقطار العربية ، تعيش هذه الأقطار تحت وطأة آثارها الجانبية والمباشرة التدميرية الآن ، حيث جرى السعي عربياً وبتأليب أمريكي تهميش دور الجماهير العربية ممثلة بأحزابها وحركاتها الوطنية المختلفة واحتواء منظمات المجتمع المدني لتبقى عاجزة عن صنع شيء في خدمة مجتمعاتها والتي كانت حتى حرب حزيران سنداً قوياً للجهد العربي في مقارعة الطامعين من صهاينة وأمريكان وإنجليز وفرنسيين ، تمهيداً للخلاص منها وكان لها ما أرادت من إضعاف تأثيراتها بفضل الحملات الأمنية والإعلام الموجه ضدها ما أدى لاحتضان عواصم « البلاء والابتلاء « الغربية للكثيرين من رموز تلك الجماهير ومنظمات المجتمع المدني الذين ابتعدوا عن ساحاتهم للعمل من خلال تلك العواصم خدمة لمخططاتها ..بطبيعة الحال احتضنت منهم من استكان لإرادتها أما الرافض فقد جرى تهميشه أو الخلاص منه , فتحول من استكان لمعاول هدم للبناء الاستراتيجي والمجتمعي العربي ربما رضخوا خلافاً لقناعاتهم أو خدمة لانتهازية الانتهازيين منهم ، ولا فرق في ذلك بين من ارتمى في أحضان الغرب أو الشرق لأن عليه تنفيذ أجندات تفرض عليه تبنيها . .فضعف الولاء والانتماء للوطن والمجتمع أصبح ظاهرة تحكمه الأنانية والمصالح الشخصية على حساب الأمن الوطني والمجتمعي. الرابح الأكبر مما يجري الدولة العبرية وإيران وأمريكا وربما تركيا التي قد تنال نصيبها من الكعكة العربية في حال سارت الأمور وفق سفن نتنياهو وخامنئي وأردوغان وترامب ، والخاسر الأكبر فيها العرب ، ما لم يجر تدارك الأمور والسعي لبناء القدرات العربية بعودة وحدة اللحمة العربية من جديد ، والتعامل مع ما يجري بذكاء وفطنة وتخطيط سليم ، في سبيل إجهاض مختلف ما يرسم للنيل من حريتنا وكرامتنا وأمن وسلامة واستقلال بلداننا. وعودة إلى بدء الأجواء التي تعيشها المنطقة أشبه بالأجواء التي عاشتها قبل حرب حزيران فهناك عربدة للدولة العبرية تتمثل بهجمات بطائرات مسيرة أو متطورة جداً أو بصواريخ موجهة أو قنابل ذكية على دول عربية كـ لبنان ، سوريا ، والعراق وربما طالت دولاً عربية أخرى دون الإعلان عنها توحي بذلك ، لكن الملاحظ بقاء إيران بعيدة عن دائرة الاعتداء عليها إلا بالطنين الإعلامي الغربي المخادع وهذا يترك تساؤلاً كبيراً ستجيب عنه القادم من الأيام.. فالحرب الصهيو أمريكية تطال الوطن العربي بأكمله وهي مختلفة من قطر لآخر لكن استخدم فيها حروب عسكرية اقتصادية وفوضوية حيث تنشر الفوضى في قطر مستخدمة عناصر إرهابية تجندها لفرض أجندتها على ذلك القطر والأقطار المجاورة له كما ذكرت في مقال سابق استخدمت ضد العرب أسلوب الإنهاك - التآكل البطيء بهدف إرغامهم «العرب» على الرضوخ لإرادتهما بزعزعة أمنها و استقرارها بفوضى خلاقة ينفذها مواطنون منها موجهون بالريموت كونترول لزعزعة الأمور فيها لخلق الدولة الفاشلة ، فتمكنوا من التحكم بكل مفاصل دولنا العربية التي باتت أمام العبث الصهيو أمريكي عاجزة عن المواجهة كما حصل في ليبيا مثلاً حيث جندت إرهابيين وساعدتهم جواً لتقويض نظام الحكم فيها ونشرت الفوضى في ذلك البلد الذي تتآكله صراعات بين مختلف مكوناتها ولا يسمح لأي جماعة فيها بحسم الأمور لصالحها حتى لا تعود اللحمة فيها من جديد ، وفي العراق جرى التجييش لاحتلاله وتسريح جيشه والهيمنة على مقدراته وبث روح الخلاف والاختلاف بين مكوناته وتمكين داعش والمليشيات الشيعية من التغلغل فيه وتسليم مقاليد الأمور به لإيران لتعيث في البلاد فساداً وإفساداً ، وفي سوريا مكنت داعش والنصرة من التخوم الملاصقة للعراق وتركيا والكيان العبري لتغذيتهما ليستفحل أمرهما لتمكين إيران من نشر فيالقها فيها وليكون لأمريكا ذريعة لنشر قواتها بها للتدخل في شؤونها عسكرياً ولا ننسى السودان والقرن الإفريقي اللذين يجري العبث بهما منذ بداية العقد الأخير من القرن الماضي. فما يجري في المنطقة من تسخين على الجبهات كافة من العدو الصهيوني بدعم أمريكي توحي بأن الأمور قد اكتملت وحان قطافها وهو فرض هيمنة الدولة العبرية وإيران بمظلة أمريكية على المنطقة العربية وتركيا والتي من الممكن ان يكون لها نصيب من الموصل في شمال العراق حتى إدلب في شمال سوريا. فالمنطقة يتهددها صراع المصالح وحرب بغطاء أمريكي تجري بين معسكرين معسكر تقوده الدولة العبرية وآخر تقوده إيران برعاية أمريكية يسعى كل منهما لفرض هيمنته على أجزاء من المنطقة العربية أي تقاسمها فيما بين هذين المعسكرين فهل يبقى العرب غائبين، وتجري مياه تآمر المصالح الدولي الإقليمي من تحت أقدامهم أم يعون حقيقة ما يجري ويسعون لقلب الطاولة على كل متآمر ومعتد أثيم.

التعليقات على خبر: أجواء غير مريحة في المنطقة

حمل التطبيق الأن